فضل السعودية والرباط في حراستها
بسم الله الرحمن الرحيم
إن كلَّ بلاد في الأرض تنال فضلها وشرفها من فضل وشرف ما تضمنته واحتضنته من دين وقوم ومقدرات، وإن أكرمَ بلادِ الله في هذا الزمان بلادُ الحرمين الشريفين، البلادُ السعودية، فقد تضمنت بفضل الله أطهر بقاع الأرض مكة والمدينة، واحتضنت أعظمَ دينٍ، وهو الدين الذي لا يقبل الله ديناً سواه دين الإسلام، بل هو الإسلامُ الصحيحُ الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم خالياً من شوائبِ الشرك والبدع، على السنة والصراط المستقيم، وأهلُها في الجملة هم القوم الذين استقاموا على ذلك، وحكاُمها وولاتها هم الحكام القائمون على ذلك، المعتنون بهذا الدين وهذه الشريعة، لا نشهد إلا بما علمنا ولا نزكي على الله أحداً، وعلماؤها هم علماء السنة، والناشرون لها المنافحون عنها، وقد حباها الله من خيرات الدنيا ما لا يعده ولا يحصيه إلا الله، مع الأمن والأمان والنعم السوابغ التي يحسدنا عليها العالم كلُّه، فالواجب علينا أن نشكر الله على هذه النعمة كثيراً، ونقابلها بالطاعة والحمد، وأن نشكر ولاة أمرنا على دورهم الفاعل في تحقيق الدين وحمايته، والسعي في إسعاد الرعية، وأن نكون معهم معينين لهم، ومتناصرين معهم، لحفظ هذه النعمة، وأن ندفع كل شر وفرقة وعدوٍّ يكون سبباً لذهابها أو سلبها، وقد حذرنا الله من ذهاب النعم وزوالها في آيات كثيرات، فقال عز وجل: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) (النحل: 112) وقال عن قوم سبأ وكفرهم النعمة: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) (سبأ : 15 ) ثم قص خبرهم وكيف بطروا النعمة وكفروها فعوقبوا بسلبها وزوالها.
فنحن ولله الحمد في بلد آمن ونعمة سابغة وشريعة قائمة وأئمة على الإسلام والسنة، وبلد فيها مهبط الوحي ومهوى أفئدة المؤمنين، وآتانا الله من القوة والمنعة والهيبة والجماعة ما حُرم منه غيرنا، ونرى الناس من حولنا تتخطفهم الفتن والحروب والتفرق والاختلاف، أفلا نشكر ربنا ونحمده ونحمي بلادنا ونلتف حول ولاة أمرنا وعلمائنا ونكون يداً واحدة على شرف الجماعة، فنحمي بلادنا وندحر عدونا الذي يتربص بنا الدوائر! بلى والله هذا هو الواجب علينا لله وللمؤمنين.
فهنيئاً لكل فرد مسلم يقف صامداً لحماية هذه البلاد ويا سعادة المجاهد المرابط في حدودها!
فيا أخي المجاهد الكريم …، لقد فضلك الله بأفضل عمل وهو الجهاد في سبيله عز وجل لحماية بلاد الإسلام والرباط على ثغورها، واسمع ما ورد في ذلك من الفضل في الكتاب والسنة:
قال الله تَعَالَى : ﴿إنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ وَالقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ﴾ [ التوبة 111] . قال عمر رضي الله عنه : إنَّ الله عز وجلّ بايعك وجعل الصفقتين لك .
وقال الله تَعَالَى : ﴿ لا يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى القَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاً وَعَدَ اللهُ الحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ أجْراً عَظِيماً * دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ [ النساء 95 ، 96 ].
وقال تَعَالَى : ﴿ يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ ألِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً في جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِن اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ﴾ [ الصف:10- 13]
وعن سهل بن سعد – رضي الله عنه – أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا العَبْدُ في سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى ، أَوْ الغَدْوَةُ ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا » . متفقٌ عَلَيْهِِ . في هذا الحديث : فضل الرباط ، وهو ملازمة المكان لحراسة المسلمين .
وعن سَلمَانَ – رضي الله عنه – قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : «رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ ، وَإنْ مَاتَ فيه أُجْرِيَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ، وَأَمِنَ الفَتَّانَ » . رواه مسلم .
وعن فَضَالَةَ بن عُبَيْد – رضي الله عنه – أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلا المُرَابِطَ فِي سَبيلِ اللهِ ، فَإنَّهُ يُنْمى لَهُ عَمَلهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ، وَيُؤَمَّنُ مِنْ فِتْنَةَ القَبْرِ» . رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ . فيه : فضيلة الرباط ، وأن المرابط لا ينقطع عمله بالموت .
وعن معاذٍ – رضي الله عنه – عن النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « مَنْ قَاتَلَ في سَبِيلِ الله من رَجُلٍ مُسْلِمٍ فُوَاقَ نَاقَةٍ ، وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ ، وَمَنْ جُرِحَ جُرْحاً في سَبِيلِ اللهِ أَوْ نُكِبَ نَكْبَةً فَإنَّهَا تَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ كَأَغزَرِ مَا كَانَتْ : لَونُها الزَّعْفَرَانُ ، وَريحُها كَالمِسْكِ » . رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح .
الفُوَاقُ : ما بين الحلبتين ، وهو كناية عن قليل الجهاد .
وليعلم المؤمن الصادق أن لزوم الجماعة شرف وعزة وأن التفرق ذلة ومهانة، وقد حذرنا الله من التفرق فقال: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال : 46 ) وصح عن البني ﷺ أنه قال: « من أراد منكم بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد» رواه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجة وصححه ابن حبان والحاكم. ولما تطاول الناس في البنيان زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: يا معشر العرب الأرض الأرض، إنه لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بطاعة، ألا فمن سوده قومه على فقه كان ذلك خيرًا له، ومن سوده قومه على غير فقه كان ذلك هلاكًا له ولمن اتبعه. رواه الدارمي وابن عبد البر بسند صحيح
اللهم أنا نسألك نصرك المؤزر وتأييدك لجنودنا المرابطين وأن تحفظ بلادنا وولاة أمرنا من كل مكروه .
كتبه: سعد بن شايم الحضيري
مدير مركز الدعوة والإرشاد بعرعر