مسعورو داعش والدماء المحرمة

بسم الله الرحمن الرحيم
ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم،
أما بعد فقد آلمنا ألماً يفتت المهج ما أقدم عليه الخونة الغدارون بتفجير وقتل المرابطين على ثغر دولة الإسلام وبلاد التوحيد (قائد حرس الحدود ومرافقيه) تقبلهم الله في الشهداء وشفى جريحهم وحفظ جنودنا من كيد الكائدين ومكر الماكرين.
وهؤلاء الخونة سبق لهم من الغدر والإسراف في قتل المسلمين ما يهول العقول وصدق فيه خبر النبي صلى الله عليه وسلم (يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان) فاستحقوا وصفه لهم بقوله: (كلاب النار كلاب النار كلاب النار)،(شر قتلى تحت أديم السماء)، (خير قتيل من قتلوه)، (حدثاء أسنان سفهاء الأحلام) -أي العقول-(يقرأون القرآن لا يتجاوز حناجرهم)، (يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية)
بهذه الأوصاف وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك يرون أنهم هم أهل الإسلام ومن سواهم فكافر حلال الدم والمال والعرض! تجرأ أولهم على مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له بكل وقاحة وغرور ولسان سليط: اعدل يامحمد فإنك لم تعدل منذ اليوم!! فقال له النبي عليه الصلاة والسلام : (ويحك ومن يعدل إذا لم أعدل) فولى الرجل مدبراً بكل كبر وغرور يظن أنه صدع بالحق! وما هو إلا صدعٌ بالكفر! فقال النبي صلى الله عليه وسلم محذراً منه ومن أتباعه: (يخرج من ضئضئ هذا قومٌ يتلون كتابَ اللهِ رطبًا لا يجاوزُ حناجرَهم، يمرُقون من الدِّينِ كما يمرُق السهمُ من الرَّميَّةِ لئن أدركتُهم لأقتلنَّهم قتلَ ثمودَ) وفي رواية (يقتلونَ أهلَ الإسلامِ ويدعونَ أهلَ الأوثانِ ، لئن أنا أدركتهم لأَقْتُلَنَّهُمْ قتلَ عادٍ) رواه البخاري ومسلم
وتجرأوا على أطهر الدماء المؤمنة فقتلوا الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه وهم يسمعون ما فضله الله به من شهادة النبي له بالجنة
وتقربوا لله بدم علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله وهم قد علموا فضله ومقامه في الإسلام وقد فرغوا منهما بتكفيرهما واستحلال دمائهما ودماء كل من يواليهما
وقد سماهم النبي صلى الله عليه وسلم (مارقة) فقال (تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلها أولى الطائفتين بالحق) وسماهم السلف (خوارج) لخروجهم عن السبيل والجماعة، وسموهم (حرورية) لأنهم اعتزلوا المسلمين وانحازوا إلى جهة حروراء فسموا باسمها فيقال لهم: الحرورية، وسموهم (الأزارقة) نسبة لزعيم لهم اسمه نافع بن الأزرق، وسموهم (النجدات) نسبة لنجدة الحروري وسموا أنفسهم (الشراة) لأنهم شروا أنفسهم من الله بزعمهم! ويستدلون بقوله تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم)
وهكذا اختلفت اسماؤهم وتنوعت لاختلاف أحوالهم وتعدد قادتهم وتجدد ظهورهم عبر الزمان والمكان فإنهم لا يزالون يخرجون ويقطعون حتى يكون آخرهم من أتباع الدجال الأكبر فإنهم أتباع كل دجال كما في حديث عبد الله بن عمرو عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «إنه كائن فيكم قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما طلع منهم قرن قطع “. حتى ذكر عشرين مرة وزيادة: ” حتى يكون آخرهم يخرج مع الدجال». رواه الطبراني.
وله شاهد عند الإمام أحمد عن أبي برزةَ قال أُحدِّثُكم بما سمعت أذنايَ ورأت عينايَ أُتِيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بدنانيرَ فكان يقسِّمُها وعندَه رجلٌ أسودُ مطمومُ الشعرِ عليه ثوبانِ أبيضانِ بينَ عينَيه أثرُ السجودِ فتعرض لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأتاه من قبلِ وجهِه فلم يعطِه شيئًا فأتاه من قبلِ يمينِه فلم يُعطِه شيئًا ثم أتاه من خلفِه فلم يعطِه شيئًا فقال واللهِ يا محمدُ ما عَدِلت في القسمةِ منذُ اليومَ فغضب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غضبًا شديدًا ثم قال واللهِ لا تجدون بعدِي أحدًا أعدلَ عليكم مني قالها ثلاثًا ثم قال يخرجُ من قِبَلِ المشرقِ رجالٌ كان هذا منهم هَدْيهم هكذا يقرؤون القرآنَ لا يجاوزُ تراقِيَهم يمرقونَ من الدينِ كما يمرقُ السهمُ من الرميةِ لا يرجعون إليه ووضع يدَه على صدرِه سيماهم التحليقُ لا يزالونَ يخرجون حتى يخرجَ آخرُهم مع الدجال فإذا رأيتموهم فاقتلوهم قالها ثلاثًا شرُّ الخلقِ والخليقةِ قالها ثلاثًا»
وفي هذا الزمان لزمهم لقب (داعش) لما ركّبوا لدولتهم لقباً من أوائل حروف جملة (دولة الاسلام في العراق والشام) وماهي من الاسلام في شيء
و عن أبي غالبٍ قال كُنْتُ بالشَّامِ وبها أبو أُمَامةَ صُدَيُّ بنُ عَجْلانَ صاحبُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وكان لي صديقًا فجِيءَ برُؤوسٍ مِن رُؤوسِ الحَرُوريَّةِ فأُلقِيَتْ بالدَّرَجِ فجاء أبو أُمَامةَ فدخَل المسجِدَ فصلَّى ركعتَيْنِ ثمَّ توجَّه نحوَ الرُّؤوسِ فقُلْتُ لَأتبَعَنَّه حتَّى أسمَعَ ما يقولُ فتبِعْتُه حتَّى وقَف عليها فبكى ثمَّ قال سُبْحانَ اللهِ ما يصنَعُ إبليسُ بهذه الأُمَّةِ ثمَّ قال كِلابُ النَّارِ كِلابُ النَّارِ كِلابُ النَّارِ ثمَّ قال شَرُّ قَتْلَى قُتِلوا تحتَ أديم السَّماءِ وخيرُ قَتْلَى تحت أديم السماء من قتَلهم هؤلاء ثمَّ تلا هذه الآيةَ {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [آل عمران: 106] ثمَّ التَفَت إلَيَّ فرآني فقال أبو غالبٍ وأخَذ بساعدي فقال أنتَ ببلادٍ هؤلاءِ به كثيرٌ يعني العِراقَ قُلْتُ أجَلْ قال أعاذكَ اللهُ أنْ تكونَ منهم قُلْتُ يا أبا أُمَامةَ أرأَيْتَ قولَكَ كِلابُ النَّارِ قُلْتَه برأيِكَ أو شيئًا سمِعْتَه قال سُبْحانَ اللهِ إنِّي إذًا لَجريءٌ لا بل سمِعْتُه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا مرَّةً ولا مرَّتَيْنِ ولا ثلاثًا ولا أربعًا ولا خَمْسًا ولا سِتًّا ولا سَبْعًا. رواه الترمذي وابن أبي عاصم وعبد الله بن أحمد في السنة والطبراني وصححه الألباني
وعن سعيد بن جهمان قال دَخلتُ على عبدِ اللَّهِ بنِ أبي أَوفى صاحِبِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ مَحجوبٌ قالَ: ما فعلَ والدُكَ ؟ قلتُ: قَتلتهُ الأزارِقةُ، فقالَ: لعَنَ اللَّهُ الأزارقةَ يقولُها مرَّتينِ ثمَّ قالَ: حدَّثَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: أنَّهُم كِلابُ النَّارِ، قالَ: قلتُ: الأزارِقةُ وحدَهُم أوِ الخوارجُ كلُّها ؟ قالَ بلِ الخوارجُ كلُّها، قالَ: قُلتَ: إنَّ السُّلطانَ يَظلمونَ النَّاسَ ويفعلُ بِهِم ويفعلُ قالَ: فتَناولَ يدي فغَمزَها بيدِهِ غَمزةً شديدةً ثمَّ قالَ: ويحَكَ ياابن جهمان عليكَ بالسَّوادِ الأعظَمِ إن كانَ السُّلطانُ يسمَعُ منكَ فأتِهِ في بيتِهِ فأخبرهُ بما تعلَمُ فإن قبلَ منكَ وإلا فدعهُ فإنَّكَ لستَ بأعلَمَ منهُ. رواه الإمام أحمد والطبراني والحاكم وسنده حسن
وروى ابن أبي شيبة عن
وعن سعيد بن جمهان أيضاً، قال: كانت الخوارج قد دعوني حتى كدت أن أدخل فيهم , فرأت أخت أبي بلال في المنام كأنها رأت أبا بلال أهلب , فقالت: يا أخي , ما شأنك؟ قال: فقال: جعلنا بعدكم كلاب أهل النار.
وأبو بلال المذكور كان من قادة الخوارج وأشدائهم في الحروب قتل في حروبه من الحجاج بن يوسف
وعن حميد بن هلال , عن أبيه , قال: لقد أتيت الخوارج وإنهم لأحب قوم على وجه الأرض إلي , فلم أزل فيهم حتى اختلفوا , فقيل لعلي: قاتلهم، فقال: لا , حتى يقتلوا , فمر بهم رجل فاستنكروا هيئته , فساروا إليه , فإذا هو عبد الله بن خباب فقالوا: حدثنا ما سمعت أباك يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم , قال: سمعته يقول: إنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «تكن فتنة القاعد فيها , خير من القائم , والقائم خير من الماشي , والماشي خير من الساعي , والساعي في النار» قال: فأخذوه وأم ولده , فذبحوهما جميعا على شط النهر , قال: ولقد رأيت دماءهما في النهر كأنهما شراكان فأخبر بذلك علي فقال لهم: أقيدوني من ابن خباب قالوا: كلنا قتله فحينئذ استحل قتالهم
رواه عبد الرزاق وأحمد وابن أبي شيبة
فالخوارج أضر على الأمة من الكفار لشدة بغضهم وعظم حنقهم على المسلمين قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة : وما روي من أنهم «شر قتلى تحت أديم السماء، خير قتيل من قتلوه» في الحديث الذي رواه أبو أمامة، رواه الترمذي وغيره. أي أنهم شر على المسلمين من غيرهم، فإنهم لم يكن أحد شرا على المسلمين منهم: لا اليهود ولا النصارى ; فإنهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم، مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم وقتل أولادهم، مكفرين لهم، وكانوا متدينين بذلك لعظم جهلهم وبدعتهم المضلة. انتهى.
وقتال الخوارج في كل زمان ومكان من أفضل القرب التي يتقرب بها العبد لله تعالى فقد صح في الحديث عن علي بن أبي طالب أنه ذكر الخوارجَ فقال : فيهم رجلٌ مُخدَجُ اليدِ ، أو مُودَنُ اليدِ ، أو مَثْدونُ اليدِ ، لولا أن تبطُروا لحدَّثتُكم بما وعد اللهُ الذين يقتلونهم ، على لسانِ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . قال الراوي: قلتُ : آنتَ سمعتَه من محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ؟ قال : إي . وربِّ الكعبةِ ! إي . وربِّ الكعبةِ ! إي . وربِّ الكعبةِ ! رواه مسلم
فقاتلهم من خير المجاهدين والمقتول بأيديهم خير قتيل تحت أديم السماء بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويرجى لمن قتل بأيديهم أن يكون شهيداً فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قُتل دون مالٍ فهو شهيدٌ ومن قُتل دون دمِه فهو شهيدٌ ومن قُتل دون دينِه فهو شهيدٌ ومن قُتل دون أهلِه فهو شهيدٌ) رواه أبو داود والترمذي وصححه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: وقد أجمع المسلمون على وجوب قتال الخوارج ونحوهم، إذا فارقواجماعة المسلمين، كما قاتلهم علي – رضي الله عنه.اهـ
والواجب على المسلم أن يتمسك بوصية النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم جماعة المسلمين والسمع والطاعة لإمامهم عن حذيفة بن اليمان قال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير.
فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: “نعم”، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال : “نعم، وفيه دخن”. قلت: وما دخنه؟ قال: “قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر”. قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: “نعم، دعاة إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها”. قلت: يا رسول الله، صفهم لنا؟ فقال: “هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا”. قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: “تلزم جماعة المسلمين وإمامهم”. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: “فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك”. متفق عليه.
وإننا بحمد الله في جماعة مسلمة على السنة والتوحيد وفي دولة إسلامية وإمامنا وولي أمرنا منا على الإسلام والسنة له في أعناقنا بيعة صحيحة نسأل الله أن يتولاه بحفظه وتأييده وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبه
سعد بن شايم الحضيري
مدير مركز الدعوة والإرشاد بعرعر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى