مشاعر أمة .. رحم الله شيخنا الجبرين

الحمد لله المحمود على كل حال، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، والصلاة والسلام على من في موته عزاء من كل مصيبة.
أما بعد فقد هزنا نبأ وفاة شيخنا العلامة الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين رحمه الله، وأسفنا لفقده وفقدان ما يحمله صدره من علم جم وفقه غزير، مع حال هذه الأمة في هذا الزمان من قلة العلماء ونشوب الفتن، وشدة الحاجة إلى العالم الفقيه المتبحر، وما كان يحتله الشيخ رحمه الله من مكانة علمية ونفع عام من خلال الدروس والمحاضرات والفتاوى التي كان نشيطاً في مجالها حتى يضرب به المثل على الجلد في التعليم وكثرة الدروس على تنوع فنونها، وكم تخرج على يديه من عالم وطالب علم نفع الله بهم كثيراً، ومالنا إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل، وأجرنا اللهم في مصيبتنا واخلف لنا خيراً منها، وفي الله خلف من كل مفقود، ولن يضيع الله هذه الأمة بل إنه عز وجل يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته، وقد رفع الله شأن العلماء شرعاً وقدراً، قال تعالى: (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) وعن أبي أمامة عن النبي صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قال «فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ، إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير» رواه الترمذي وقال : صحيح غريب، وعن أبي الدرداء مرفوعا «إن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء ، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه بنحوه . وقال أبو الدرداء: ما لي أرى علماءكم يذهبون ولا أرى جهالكم يتعلمون، ما لي أراكم تحرصون على ما قد تكفل لكم ، وتدعون ما أمرتم به ، تعلموا قبل أن يرفع العلم، ورفع العلم ذهاب العلماء. وقال ابن مسعود : إن أحدكم لم يولد عالما وإنما العلم بالتعلم وقال أيضاً: اغد عالما ، أو متعلما ولا تغد إمعة بين ذلك وقال أيضا : اغد عالما أو متعلما ، أو مستمعا ولا تكن الرابع فتهلك. وعن الحسن قال أبو الدرداء كن عالما أو متعلما أو محبا ، أو متبعا ولا تكن الخامس فتهلك قال الحسن هو المبتدع قال البيهقي وروي مثله عن ابن مسعود ، وقال أبو الدرداء : العالم والمتعلم في الأجر سواء وسائر الناس همج لا خير فيهم . وعن ابن مسعود تعلموا فإن أحدكم لا يدري متى يحتاج إليه . وقال ابن مسعود أيضاً: عليكم بالعلم قبل أن يقبض وقبضه ذهاب أهله ، وعليكم بالعلم وإياكم والتنطع والتعمق ، وعليكم بالعتق فإنه سيجيء أقوام يتلون كتاب الله وينبذونه وراء ظهورهم .
فعلى طلاب العلم أن يجدوا ويجتهدوا ليسدوا الفراغ الحاصل بفقد العلماء فقد اصطلم الموت ثلة مباركة من علماء الإسلام مما يعظم الواجب على طلاب العلم أن يشدوا من قوتهم ويجتهدوا كثيراً ليقوموا بواجب الإمامة الدينية والتعليمية، ويتركوا الانشغال بالدنيا وزخارفها ويجتنبوا وساوس الشيطان الداعية للتفرق والاختلاف وسوء المقاصد فقد صح عن النبي صلى اللهُ عليهِ وسلمَ أنه قال: « لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء أو تماروا به السفهاء و لا لتجترئوا به المجالس فمن فعل ذلك فالنار النار» رواه ابن ماجة وصححه الحاكم وابن حبان والألباني من حديث جابر وله شاهد عن حذيفة عند ابن ماجة بلفظ: « لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء أو لتماروا به السفهاء أو لتصرفوا به وجوه الناس إليكم فمن فعل ذلك فهو في النار»
فاللهم ربنا ارحم شيخنا الجبرين وعموم مشايخنا ووالدينا ومن له حق علينا وإخواننا المسلمين رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ.
والحمد لله رب العالمين
كتبه
سعد بن شايم الحضيري
عرعر-22/7/1430هـ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى