الحملات الإرهابية على العلماء

ليس بدعاً أن يكون العالم المجاهد عرضةً للنقد والهجوم والتشويه والظلم بل الحبس و القتل والتكفير فإن الطريق الذي سلكه وعر محفوف بالمخاطر والإيذاء والسب والشتم وهكذا شأن المصلحين السالكين سبيل المرسلين،«فإن العلماء ورثة الأنبياء» كما صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن نظر في تاريخ الأنبياء والرسل المسطور في الكتاب العزيز والسنة يرى عجباً من صبر أولياء الله على أذى الناس قال تعالى: (كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) بل قد يزجر زجراً كما قال تعالى عن نوح عليه السلام (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ)

وقال عن موسى ( وإذ قال موسى لقومه ياقومي لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) آذوه حتى اشتكى منهم وهم على يقين من أنه رسول الله فجُوْزوا بالزيغ للقلوب على فعلتهم، وحذر الله هذه الأمة من هذا المسلك فقال (ياأيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهاً) وقال عزوجل في الحديث القدسي: «من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب» رواه البخاري.

وقد قتل زكرياء وحمل إليه رأس ابنه يحيى عليهما السلام قرباناً لبغي حاقدة ووقف الكهنة السوء في وجه نبي الله عيسى ووشوا به حتى دبروا مكيدة لقتله فرفعه الله إليه، ونبينا عليه الصلاة والسلام ناله من ذلك شيء هائل لا يحتمل فأيده الله بمدد من عنده وسلاه بما قص عليه من خبر الأنبياء ما ثبت به فواده، قالوا عنه ساحر وكذاب ومجنون واتهموه ولمزوه وحاولوا قتله واغروا به السفاء وتضاحكوا منه ومن أتباعه واستهزؤوا بهم فما زاده ذلك إلا صبراً ومضياً قال تعالى: (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) وقال (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ).

وعلماء السنة هم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم وسينالهم ماناله مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء» رواه مسلم وفي رواية لغيره : قيل يا رسولَ اللهِ : مَن الغرباءُ؟ قال: «الذين يصلحون إذا فسد الناسُ»، وفي لفظٍ آخرَ قال : «هم الذين يُصلِحون ما أفسد الناسُ من سنتي» رواه الترمذي وصححه الألباني وابن باز رحمهما الله.

وكلما اندرست آثار النبوة وتكاثرت الأهواء والفتن انقمع العالم الحكيم وضعف أمره وتجرأ عليه الناس الذين لا يعلمون حق العلم وأهله وقد رأينا في التاريخ عبراً فهذا الإمام أحمد يؤذى ويحبس ويجلد ليقول بقول البدعة فيأبى فيرفعه الله لما صبر ومات معه في السجن يعقوب البويطي صاحب الشافعي ونعيم بن حماد شيخ البخاري ومحمد بن نصر وأحمد بن نوح وجماعات ثبتوا حتى ماتوا وهذا المقدسي عبد الغني يحبس وينفى لأجل التوحيد فيرفعه الله لما صبر وهذا ابن تيمية يموت في السجن بعد مناظرات وحبس متكرر وإيذاء وشتم وتشويه وتكفير وتبديع وضرب يريدون كتم الحق الذي معه فيأبى الله إلا أن يظهر شأنه ويخفي شأن خصومه فلا يعرفون في أمة السنة والجماعة إلا بأنه أعداء ابن تيمية وخصومة السنة!

وبقي هو شامخاً إماماً للناس وهذا تلميذه ابن القيم يحبس معه في سجن القلعة بدمشق ولا يخرج إلا مع جنازته فصاروا أئمة لماصبروا وكانوا بآيات الله يؤمنون ثم تلاهم الإمام محمد بن عبد الوهاب جاء الله به والناس في جهالة جهلاء فدعا إلى دين الله فوقف في وجهه دعاة السوء وعلماء الضلالة وكفروه واتهموه بادعاء النبوة وبمذهب خامس وبتكفير الناس وشوهوا سمعته واستعدوا عليه الدول والزعماء وحاولوا قتله مرات عديدة فأنجاه الله وأعزه وجعل الخلافة له ولأنصاره وجعل الذل والصغار لأعدائه لأنه سائر على طريق النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي عصرنا هذا تكالب أعداء السنة وأفراخ الأحزاب للنيل من علماء السنة بكل وسيلة يستطيعون عبر الصحف والمواقع الالكترونية ووسايل التواصل الاجتماعي لتشويه العلماء فاتهموا ابن باز والألباني وابن عثيمين بالعمالة والمداهنة للدولة بل بالعمالة لامريكا واسرائيل !

كبرت كلمة تخرج من افواههم إن يقولون إلا كذباً حتى جاء اليوم الذي يسلطون سفهاءهم للنيل من علم الأمة وشيخ السنة الإمام العلامة صالح بن فوزان الفوزان لا لشي نافسهم عليه من هذه الفانية إلا أنه لم يجرِ في فلكهم الحزبي ولا داهنهم بل رد عليهم وبين انحرافاتهم.

ماذا يريدون من رجل هم يعرفون أنه أعلم منهم وأتقى لله وأزهد في هذه الدنيا منهم ماذا يريدون من رجل امتطى صهوة جواده متقلداً عدته ناشراً صحفه سالاً قلمه صادحاً بلسانه منذ شبابه منافحاً عن الشريعة ناشراً لعلومها بما أوتي من قوة في التأليف والإذاعة والتدريس والافتاء والردود على المخالفين من جميع الطوائف من الكتّاب والأحزاب ومن الإعلاميين والعلمانيين ومن الخرافيين والمتزلفين حتى لم يبق له صديق إلا أهل الحق والإسلام لم تبق له الا ولاية الله (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله).

لم يداهن أو يجامل في دين كبيراً ولا صغيراً كم من بدعة وضلاة انتشرت بين الناس فجاء بيان الشيخ صالح فدمغها الله به فإذا هي زاهقة. ماذا يريدون من رجل نشأ صالحاً وشب صالحاً وهرم صالحاً ونرجو الله أن يختم له بالصلاح ماذا يريدون من شيبة الإسلام وناصر السنة. اللهم احفظ علماءنا واكفف عنهم كيد الاعداء وطغيان السفهاء وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

سعد بن شايم الحضيري
مدير مكتب الدعوة والإرشاد بمنطقة الحدود الشمالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى